آخر المنشورات

الأربعاء، 6 أغسطس 2025

مفارقات فلسفية: التوصيف بقلم الكاتب أيمن أصيل ترك

 مفارقات فلسفية: التوصيف


الكذّاب، طيب القلب، الغبي، الوقح، الحيوان، اللعوب، "عقلك صغير"، "ما في مخ"، "ما في عقل"، الجاهل، المتخلّف، عديم الشخصية...

وغيرها من الأوصاف التي لا تنتهي.


كلها تسميات تُطلق على الفرد منذ الطفولة، وغالبًا ما تأتي من أقرب الناس: من الأسرة.


منذ الصغر، ينادى الطفل بإحدى هذه الصفات بناءً على ما يراه الأهل فيه — أو يظنونه فيه — في لحظة غضب أو مقارنة أو جهل.

ومع التكرار، يتشرب الفرد هذه الصفات، وتستقر في داخله حتى تصبح من طباعه، وتتحول شيئًا فشيئًا إلى جزء من سلوكه، وتكوينه النفسي والأخلاقي.


وفي هذه الحالة، الأهل هم المسؤولون أولًا وأخيرًا عن بناء شخصية الأبناء، أو هدمها.

فهم الذين يشحنون الطفل بما يرددونه، سواء عن قصد أو من غير وعي، حتى تصبح تلك الكلمات واقعًا داخليًا يُشكل طباعه وميوله وسلوكياته.


بل قد يحدث تطوّر عكسي خطير، فـ"طيب القلب" قد يتحوّل مع الوقت إلى قاسي القلب، كردّة فعل على المعاملة القاسية، وكأنّ من حوله يستحقون هذا القسوة.

والسبب؟ الأهل أنفسهم.


بين بيئة البناء وبيئة السقوط


عندما تتوفّر بيئة أسرية واعية، تمتاز بالأخلاق، بالتربية السليمة، بالأدب، بالفكر، بالتعليم، بالمعرفة والثقافة،

فإن الطفل يتشكّل بصورة إيجابية.

ينمو على ضبط النفس، تطوير الذات، الوعي الفكري، وحُسن السلوك، سواء في العائلة أو المدرسة أو الشارع أو العمل.

فينشأ وهو يحمل منطق الحياة الإيجابي.


أما حين يسود الجهل داخل الأسرة، وتتدنى المعيشة، وتغيب الثقافة، ويعيش الأهل دون وعي تربوي،

فإن النتيجة تكون طفلًا محطمًا نفسيًا، إنسانًا يعيش بجسد ميت، دون روح، دون هدف.


الحل: لنبدأ بتربية الأهل


إذا أردنا أن نتجنب انحدار جيل أو انهيار مجتمع، علينا أن نبدأ بتربية الأهل أولًا.

فالتربية ليست مجرد إطعام ولباس، بل هي تعليم، وتثقيف، وتوعية فكرية، ونفسية، وحتى جسدية.


على الأهل أن يتحملوا مسؤوليتهم الاجتماعية والأسرية، لأن أول سقوط للفرد يبدأ داخل أسرته.


خاتمة


هذا النوع من الحديث لا ينتهي، لأن الحياة في تغيّر دائم،

من تطور علمي، إلى تحديث فكري، إلى إعادة بناء للعقل البشري نفسه.


لكن تبقى الحقيقة الكبرى واضحة:

البيت هو البداية، والوعي هو الخلاص


Ayman Asıltürk..

04/08/2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق