أنتِ الغياب الذي لا يلغي الحضور،
أنا لا أتنفّس الهواء، بل أتنفّسكِ أنتِ.
كل شهقةٍ كانت تخرج من صدركِ،
كل تنهيدةٍ كنتِ تهمسين بها،
كنتِ نبضًا يسكنني، لا مجرد حضورٍ عابر.
كنتِ خفقات ضلوعٍ تتهادى على صدري،
تغمرني بالسكينة،
تطفئ في داخلي نيران القلق،
وتُسكت ضجيج الخوف والاضطراب،
كنتِ يقيني حين يتزعزع كل شيء،
ونوري حين يختفي الضوء،
كنتِ الحقيقة التي لا تُناقش،
والسلام الذي لا يُشترى.
رحلتِ…
لكنّكِ لم ترحلي من داخلي،
فالمسافة بيننا ليست موتًا، بل اختبارٌ للروح،
أعيش كل لحظةٍ على أطراف الأمل،
أتشبث بخيوطٍ من الذكرى،
أرفض أن أصدق أن الانفصال ممكن،
لأنكِ كنتِ أكثر من زوجة،
كنتِ أنا، في شكلٍ آخر.
أبتهل إلى الله،
بخشوعٍ لا يعرف الزيف،
بدموعٍ تنهمر في سجودي،
حتى يختلط تراب الأرض بدمعي،
أدعوه أن يربط على قلبي،
أن يُبقيكِ في رؤاي، في دعائي، في يقيني،
أن يجمعني بكِ في دارٍ لا فراق فيها،
حيث لا يُهددنا الزمن، ولا يُفرقنا القدر.
أنتِ الآن في كوكبٍ آخر،
لكنني لا أرى نفسي في عالمٍ لا تسكنينه،
فكل لحظةٍ أعيشها،
هي امتدادٌ لوجودكِ،
هي محاولةٌ لأبقى قريبًا منكِ،
ولو من خلال الذكرى،
ولو من خلال الدعاء،
ولو من خلال الحنين الذي لا يهدأ.
أنتِ الغياب الذي لا يلغي الحضور،
فكل لحظةٍ تمرّ بي،
هي مقامٌ من مقامات رؤياكِ،
وكل دعاءٍ أرفعه،
هو محاولةٌ للعبور إليكِ،
لا بالخطى، بل باليقين.
رحلتِ عن العين، لكنكِ سكنتِ القلب،
وفي القلب لا يموت من أحببنا،
بل يبقى… يتجلّى… يُنير الطريق.
إبراهيم العمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق